×

  رؤا

الاتحاد الوطني.. صوت العقل في وجه عواصف الحروب

19/06/2025

 

في لحظة دقيقة من تاريخ المنطقة، وبينما كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية منخرطة في مباحثات مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية بحثاً عن مخارج دبلوماسية تضمن مصالح جميع الأطراف وتخفف من حدة الصراع حول برنامجها النووي ، انفجرت موجة من التصعيد العسكري باغتت الجميع: هجمات جوية نفذتها إسرائيل مستهدفة مواقع إيرانية ادت الى مصرع عدد من قادة إيران وعلمائها البارزين.

هذا التصعيد الخطير، الذي هدد بتوسيع دائرة الاشتعال في الشرق الأوسط، لم يكن مجرد عمل عسكري اعتيادي، بل ضربة عميقة لكل مساعي السلام والتسويات الدبلوماسية التي بدأتها إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترمب وأعيد إحياؤها في الأشهر الأخيرة.

في خضم هذا المشهد المضطرب، جاء موقف الاتحاد الوطني الكردستاني ليشكل صوت الاتزان والعقلانية و موقفا للمسؤولية السياسية، ومرجعية ثابتة في الدفاع عن القانون الدولي والسلم الإقليمي ، وذلك عبر بيان صادر عن مكتب رئيس الاتحاد الوطني، أدان فيه بوضوح هذا العدوان بشكل واضح وصريح، معتبراً أن هذه الأعمال تزعزع الاستقرار الإقليمي، وتضرب فرص الحلول السياسية السلمية في عمقها.

 

دلالات أعمق

أهمية هذا الموقف لا تكمن فقط في الإدانة بحد ذاتها، بل في الدلالات الأعمق التي يحملها،فلطالما عُرف الاتحاد الوطني الكردستاني بانه لا ينجر خلف الانفعالات اللحظية ولا يدخل في محاور الاستقطاب الحاد.

 هذه السياسة المتوازنة ليست مجرد موقف تكتيكي، بل رؤية استراتيجية أرساها الرئيس الراحل مام جلال منذ عقود، تقوم على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل مع جميع القوى الفاعلة دولياً وإقليمياً، من واشنطن إلى طهران، ومن العواصم العربية إلى أوروبا وآسيا.

السياسة الخارجية للاتحاد الوطني الكردستاني كانت عبر عقود مثالاً على فن التوازن المدروس فبينما يرتبط الحزب بعلاقات وثيقة وإيجابية وبنّاءة مع الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وسائر الدول والأطراف على مستوى كردستان والعراق والمنطقة والعالم، فإنه لم يجعل من هذه العلاقات أداة تبعية لأي محور أو أجندة خارجية، إنما بنى سياسته على ثوابت الشراكة الندية والمصالح المشتركة، بعيداً عن الانحياز الأعمى أو الاصطفاف العقيم، لذلك، فإن صدور هذا البيان الواضح في إدانة الهجمات العسكرية، يعكس التزام الاتحاد الوطني بمبادئه السياسية الأصيلة، وشعوره العالي بالمسؤولية حيال استقرار المنطقة والعالم.

الاتحاد الوطني لم تبن سياسته هذه على ردود الفعل الآنية، بل على فلسفة ترى أن استقرار كردستان والعراق والمنطقة لا يتحقق إلا عبر السلم، والحوار، واحترام السيادات الوطنية وحقوق الانسان والمواطنة.

إن موقف الاتحاد الوطني في بيان مكتب رئيس الاتحاد تجسيد لمكانته السياسية ومسؤوليته الأخلاقية؛ إذ لا يقف الاتحاد الوطني في خانة تصفية الحسابات الإقليمية، إنما ينطلق من رؤية استراتيجية ترى أن التوتر الإقليمي لا يخدم أمن شعوب المنطقة، وأن السلام العادل وحده هو ما يحقق الاستقرار الذي يحتاجه الجميع.

 

استهداف متعمد للمبادرات الدبلوماسية

وفي البيان إشارة دقيقة إلى أن هذه العمليات العسكرية تشكل “استهدافاً متعمداً للمبادرات الدبلوماسية” التي كانت قد بدأت تشق طريقها من جديد عبر حوارات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، ولعل خطورة هذه الهجمات لا تكمن فقط في حجم الخسائر البشرية والمادية التي خلفتها، بل في الرسالة السلبية التي تبعث بها لكل الجهود الساعية إلى إعادة بناء جسور التفاهم وتقليل منسوب التصعيد في منطقة تعيش أصلاً فوق فوهة من البراكين السياسية والأمنية.

ولأن الاتحاد الوطني الكردستاني ينظر بعين استراتيجية إلى أمن واستقرار الشرق الأوسط، فقد أكد البيان أن شعوب المنطقة بحاجة إلى “سلام دائم، لا يتحقق إلا عبر الحوار”، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في احتواء هذا التصعيد الخطير، ومنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة شاملة قد تعصف بالجميع دون استثناء.

وفي ختام البيان، جدد الاتحاد الوطني الكردستاني التأكيد على أن حماية استقرار وأمن إقليم كردستان تبقى في صدارة أولوياته الوطنية، مشدداً على التزامه الدائم ببذل كل الجهود الممكنة لضمان أمن المواطنين واستقرارهم في مواجهة كل موجات التصعيد التي شهدتها المنطقة في مراحل متعددة، وهو ما واظب عليه الاتحاد الوطني حتى في أحلك الأوقات التي تعرّض فيها الإقليم والمنطقة لهزات سياسية وأمنية حادة.

 

إرث مام جلال من أجل إرساء دعائم السلام العالمي

يستند هذا الموقف المبدئي إلى الإرث السياسي والفكري الذي لطالما حمله الرئيس الراحل مام جلال في مسيرته السياسية الطويلة، والتي عبر عنها في محافل دولية عديدة، من أبرزها خطابه التاريخي في مؤتمر الاشتراكية الدولية، حين قدم مقترحاته من أجل إرساء دعائم السلام العالمي، مؤكداً أن" الحروب لن تصنع الاستقرار، وأن الطريق الحقيقي للأمن يكمن في ترسيخ قواعد الحوار والاحترام المتبادل والتنمية المتوازنة".

إن موقف الاتحاد الوطني الكردستاني من التصعيد الإسرائيلي -الإيراني يعكس اليوم مجدداً الثوابت التي طالما ميزت رؤيته السياسية: التمسك بالشرعية الدولية، احترام سيادة الدول، دعم جهود الحوار، والابتعاد عن سياسة المحاور، مع التزام لا يتزعزع بحماية السلم والأمن في كردستان والعراق والمنطقة ككل.

الاتحاد الوطني الكردستاني يثبت من جديد أنه ليس مجرد فاعل كردي أو عراقي، بل طرف أساسي في معادلة الاستقرار الإقليمي، يرفع راية الحوار حين يعلو صوت المدافع، ويتمسك بالشرعية الدولية حين تنهار جدران القانون الدولي تحت وقع الصواريخ.

إنها سياسة “الند المسؤول” لا التابع، وسياسة “الشراكة المتوازنة” لا الارتهان، التي تشكل اليوم أحد أعمدة استقرار كردستان ودورها الإيجابي في محيطها الإقليمي والدولي.

في زمن الانقسامات الكبرى والمغامرات العسكرية ، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى مثل هذا الصوت المتزن والمسؤول، القادر أن يذكّر الجميع بأن منطق السلام هو الخيار الأكثر واقعية في عالم يضيق بتبعات الحروب والنزاعات.

 

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  الاتحاد الوطني.. صوت العقل في وجه عواصف الحروب
←  ترجمات / فورين بوليسي: سيناريوهات لنهاية الحرب الإسرائيلية الإيرانية
←  ترجمات / كينيث م. بولاك:خيار طهران الأخطر للرد على إسرائيل
←  ترجمات: تصعيد يضع الشرق الأوسط على حافة الانفجار
←  ترجمات/ نيويورك تايمز:احتمالات تحول الصراع الإسرائيلي الإيراني إلى مزيد من الاضطرابات
←  ترجمات : هل الحرب في الشرق الأوسط باتت وشيكة؟
←  ​موديرن دبلوماسي :الصين تتدخل في الصراع الإسرائيلي الإيراني مع ظهور الدعم الأمريكي
←  ترجمات: الموساد والخطة الأساسية للحملة العسكرية
←  ترجمات/ مايك واتسون:فرض السلام بالقوة
←  الغارديان: إسرائيل وإيران.. هل الصراع مرشح أن يدوم طويلا؟
←  فورين افيرز: توازن القوى الجديد في الشرق الأوسط..أمريكا وإيران والمحور العربي
←  من ضفاف الدجلة والفرات إلى شواطئ نيس
←  كلمة تولاي حاتم: لدينا فرصة تاريخية لحل مشكلة عمرها 100 عام
←  فورين بوليسي: إيران ليست ضعيفة
←  بين انجازات عظيمة ومهام اكثر
←  الرئيس مام جلال.. وضرورات تأسيس الاتحاد الوطني وحماية ثقله الاستراتيجي
←  الرئيس بافل وخطابات تجديد العهد وتصحيح المسار
←  ترجمة وتحرير...أحمد أوزر:أنا هنا لأنني كردي
←  ترجمة وتحرير..بكرهان: نشهد عملية تاريخية في الشرق الأوسط والعالم
←  ترجمة وتحرير..تولاي حاتم أوغولاري: لدينا مسؤولية كبيرة تجاه شعبنا
←  ترجمة وتحرير:السلام يعني تركيا ديمقراطية.. فرص مهمة ومخاطر جدية
←  ترجمة وتحرير: عن وجود القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي في العراق
←  الرئيس مام جلال ونهجه الراسخ للحل السلمي للقضية الكردية في تركيا
←  من مام جلال إلى رشيد:​رئاسة كردية للقمة العربية ...رسائل ومعان
←  بغداد.. اربع ​قمم ومفارقات أربع
←  الصحافة الكردية وتصويب مسار الحكم و جدلية “السلطة الرابعة”
←  العدد (٨٠٠٠) شهادة المهنية والمصداقية في زمن التقلّبات
←  المرصد..بعد العقد الثالث.. الريادة ومواكبة المرحلة
←  مستقبل العلاقات العربية-الكردية في العراق: التحديات، المقومات، والمكاسب
←  ترجماتي..(التعددية القطبية)... تقرير ميونيخ للأمن 2025
←  المجلس الاطلسي:المنافسة الاستراتيجية المتكاملة.. نهج جديد للأمن القومي الامريكي
←  سيرجي لافروف:ميثاق الأمم المتحدة، كأساس قانوني لعالم متعدد الأقطاب
←  ترجمات... ستيفن م. والت: 10 تداعيات على السياسة الخارجية لانتخابات الولايات المتحدة
←  ترجمات...لاري دايموند:الديمقراطية بدون امريكا
←  2025: عام التحول والحسم
←  قسد والإدارة الذاتية ومسؤوليات المرحلة العصيبة
←  التعداد السكاني في زمن الذكاء الاصطناعي
←  استثمار التعداد كفرصة للتقارب وليس التآمر
←  اقليم كردستان في الاستراتيجية الامريكية
←  فورين بوليسي: ماذا يعني فوز ترامب للسياسة الخارجية الأمريكية
←  فورين بوليسي: اسباب خسارة كامالا
←  فورين افيرز: كيف سيغير ترامب العالم؟
←  نيوزويك:أعظم عودة في تاريخ السياسة
←  ستيفن هادلي:محور الخاسرين الذي يقوده شي جين بينغ
←  كل ماتريد معرفته عن سباق البيت الابيض 2024
←  فورين افيرز:امرأة في البيت الأبيض
←  الايكونوميست:عن مدى سوء رئاسة ترامب الثانية
←  ستيفن هادلي:محور الخاسرين الذي يقوده شي جين بينغ
←  ديفيد سانجر:حرب أوسع في الشرق الأوسط، من حماس إلى حزب الله والآن إيران
←  جيم كاراموني:مهمة العزم الصلب في العراق وسوريا و الانتقال
←  دانييل بايمان:تحديد موقع الاستخبارات الإسرائيلية التي مكنت من ضرب نصر الله
←  الاستفتاء بين قبول المبادرات والمجازفة بالمكتسبات
←  صرح شامخ لـ(حراس الحقيقة)
←  صون الحريات هويتنا وعمق استراتيجتنا
←  فرانسيس فوكوياما: الانتخابات والديمقراطية و الاختبار الأعظـم
←  قناة كركوك ومؤسستها الاعلامية ..هدفان وهوية جامعة
←  31 آب واشهار العلاقة الخيانية
←  البروفيسور لويس رينيه بيريس: توضيح المخاطر الاستراتيجية: سيناريوهات الحرب الإسرائيلية الإيرانية
←  فورين بوليسي: عن اعتماد الدفاع الأمريكي في الشرق الأوسط على حاملات الطائرات
←  مشتركات التبادل الثقافي العربي الكردي
←  كوندوليزا رايس: مخاطـــــر الانعزالـــــية
←  مركز أبحاث الكونغرس: واقــع العــراق اليــوم وتحـــدياته
←  الكسندر بالمر:لمــــــاذا ستصعــــــــد إيــــــران؟
←  موديرن ديموكراسي: الخطوة الإيرانية التالية مفتاح ديناميكيات التصعيد في الشرق الأوسط
←  اخيرا.. كركوك في ايد امينة
←  ترجمات...الشرق الأوسط يستعد لحرب أوسع نطاقا
←  الوحدة والتكاتف..رغبة أم مسؤولية؟
←  اوراق في ذكرى الغزو الصدامي وخيانة الطاغية ​
←  ترجمات: استعدادت اسرائيلية وامريكية لـرد إيراني شديد
←  جريمة بشعة وفرار مخز
←  حزب DEM: اجتماعات الخبز والعدالة
←  شهداء تظاهرة كركوك و رسائل متعددة
←  مايكل روبين:السوداني يخاطر بالسيادة العراقية عبر استرضاء تركيا
←  تريندز: عصر طرق الحرير الجديدة في الشرق الأوسط
←  تشارلز ليستر:الواقع اسوأ مما تراه القيادة المركزية الأمريكية
←  هيلاري كلينتون:​كيف تستطيع كامالا هاريس الفوز وصنع التاريخ
←  سيمون ويتكنس:انهيار حلم استقلال إقليم كردستان في مجال النفط
←  بافل طالباني :الانتخابات امرحاسم لكردستان العراق لتصحيح المسار
←  ستراتفور:ما الذي يمكن فعله بالتوغل التركي المتجدد في شمال العراق؟
←  صلاح الدين دميرتاش:نحن أبناء الشعب، سننتصر حتماً
←  مسعود بزشكيان:رسالــــتي للعالــــم الجديـــــد
←  جيك سوليفان:يمكنكم الاعتماد على حلف قوي
←  الرئيس مام جلال..دفاعا عن سيادة العراق والحريات في يوم الاستقلال الامريكي
←  سيادة العراق في خطر.. لماذا هذا الصمت؟
←  الرئيس مام جلال نائبا لرئيس الاشتراكية الدولية ومن ثم رئيسها الفخري
←  مهامنا ورؤيتنا..بيان قادة مجموعة السبع في ايطاليا..2024
←  المناهج والامتحانات بين التعلم العميق أو السطحي
←  محاربة الفساد وتقوية الاقتصاد كفيلان بعدم عودة داعش للعراق
←  تجنبا لأخطاء الجيران..استجابة كردية لامريكا في تاجيل الانتخابات المحلية
←  بين الرصانة وفخ التطبيل
←  القاضي بين المسؤولية والتكابر
←  الذكرى الـ49 ..السير قدما لمواجهة التحديات العصيبة
←  اوراق من احتفاء الرئيس مام جلال بدور ومكانة الاتحاد الوطني وضروراته المرحلية
←  فورن بولسي: الديمقراطية في تركيا تراجعت لكنها لم تنته بعد
←  فورن بولسي: الديمقراطيات لم تعد صانعة السلام بعد الآن
←  مباحثات مثمرة ومسؤولة ..رسائل وتوضيحات
←  فورين بولسي: أسطورة وسائل التواصل الاجتماعي والشعبوية
←  تحريض وانحناء عبثي
←  إدانة سياسيين كرد في محاكمة جماعية غير عادلة
←  المونيتور:الاحكام بحق القادة الكرد، يضعف الآمال في التغيير الديمقراطي
12