رسالة لمن طغى …!!
كتب المقال في 29-12-2025
لم يكن الاتحاد الوطني الكردستاني يوماً معنياً بالسعي وراء منصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب العراقي، ولم يُدرج هذا الموقع ضمن أولوياته السياسية أو استراتيجيته الوطنية،غير أن ما استجد من مواقف وتصريحات، وفي مقدمتها البيان الصادر والمكتوب باسم السيد مسعود بارزاني بشأن منصب رئيس جمهورية العراق، يفرض إعادة قراءة المشهد الكردي – العراقي بواقعية ومسؤولية، فالبيان، الذي شدد على أن منصب رئاسة الجمهورية هو “استحقاق كردي” ينبغي أن يتولاّه شخص يحظى بتوافق كردي شامل، سواء عبر برلمان إقليم كردستان أو توافق القوى الكردية أو نوابها في مجلس النواب العراقي، يحمل في مضمونه رسالة سياسية مهمة. لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة تتعلق بازدواجية المعايير في التعاطي مع الاستحقاقات السيادية، إذ كيف يمكن لحزب يتمسك بمعظم المناصب السيادية والحساسة في إقليم كردستان – من رئاسة الإقليم إلى رئاسة الحكومة – تحت عنوان “الاستحقاق الانتخابي”، ثم يضيف إلى ذلك التمسك بمنصب وزير الخارجية العراقي، ومنصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، وفي الوقت نفسه يدعو إلى التوافق والشراكة عند الحديث عن رئاسة الجمهورية؟
إن هذا النهج لا يعكس روح الشراكة، ولا ينسجم مع منطق التوازن والتوافق الذي تتطلبه القضايا المصيرية للشعب الكردي.
من هنا، يصبح من حق الاتحاد الوطني الكردستاني، بل من واجبه السياسي، مراجعة خياراته واستراتيجيته وأوراقه، ليس بدافع المنافسة، بل دفاعاً عن مبدأ الشراكة الحقيقية، ومنع تكريس منطق الاحتكار السياسي، سواء في أربيل أو في بغداد.
ما جرى في مجلس النواب العراقي، وما أفرزته نتائج التصويت بين ريبوار كريم وشاخوان عبد الله، لم يكن مجرد استحقاق برلماني عابر، بل رسالة سياسية واضحة مفادها أن وحدة الصف الكردي، ووحدة الصوت والموقف، لا تُبنى بالتهديدات ولا بالبيانات المتأخرة، ولا حتى بتكديس المناصب، بل بالتفاهم، والاحترام المتبادل، والشراكة الفعلية.
وكان الأجدر برئيس الحزب الديمقراطي أن يصدر بياناً جامعاً، يلمّ شمل الأطراف الكردستانية، ويعزز التنسيق ووحدة الموقف، بدل الذهاب إلى خطاب منفرد، معزول عن تعقيدات الواقع، وبعيد عن مقتضيات المرحلة.
إن سياسة الغرور وليّ الأذرع لا تنتج سوى مزيد من التعثر في وحدة الصف الكردي، وتتحول – عاجلاً أم آجلاً – إلى وبال سياسي على من يمارسها، أمام الله، وأمام الشعب، وأمام التاريخ ، فإقليم كردستان، والبيت الكردي في بغداد، لا يُداران بهذه الطريقة، ولا يحتملان مزيداً من الانقسام وسوء التقدير.
ماجرى في مجلس النواب ليس الا رسالة لمن طغى.
|