عن الانتخابات البلدية في تركيا ومعركة إسطنبول
*اعداد:محمد شيخ عثمان
تجري تركيا انتخابات بلدية في 81 إقليماً، يوم الأحد 31/3/2024، يسعى فيها حزب "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه رجب طيب أردوغان إلى استعادة مدن خسرها في انتخابات عام 2019 منها إسطنبول أكبر مدن البلاد والعاصمة أنقرة.
وستفتح مراكز الاقتراع أبوابها في تمام الساعة السابعة صباحاً وحتى الرابعة عصراً بالتوقيت المحلي في الأقاليم الشرقية، ومن الثامنة صباحاً حتى الخامسة مساء في باقي أنحاء البلاد، فيما من المتوقع ظهور نتائج أولية بحلول العاشرة مساء (19:00 بتوقيت جرينتش).
وتخوض المعارضة التي كانت حزباً موحداً قبل 5 سنوات، المعركة هذه المرة بشكل متشرذم بعد هزيمتها في الانتخابات الرئاسية عام 2023، فيما قال أردوغان "دعونا نرسلهم إلى التقاعد في 31 مارس في أنقرة وإسطنبول وإزمير"، في إشارة إلى رؤساء البلديات المعارضين بالمدن التركية الثلاث الرئيسية.
المعادلة الوحيدة
"من فاز بإسطنبول فاز بتركيا، ومن خسر إسطنبول خسر تركيا" هذه هي المعادلة الوحيدة في كل الانتخابات المحلية التي شهدتها تركيا خلال العقود الماضية.
لكن إسطنبول تستقطب جهود فريقه، ومن المتوقع أن يكون حزب "العدالة والتنمية" الأوفر حظاً للفوز فيها، وإن كانت استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم طفيف لرئيس البلدية المنتهية ولايته أكرم إمام أوغلو مرشح حزب "الشعب الجمهوري".
على ماذا يصوت الناخبون؟
سيصوت الأتراك البالغ عددهم 85 مليون نسمة، لانتخاب حكام الأقاليم ورؤساء البلديات وأعضاء مجالس البلديات والمسؤولين الإداريين في الأحياء.
كم عدد الناخبين؟
يحق لأكثر من 61 مليون ناخب أن يتوجهوا، الأحد، إلى صناديق الاقتراع في 81 ولاية تركية، لاختيار 1393 رئيس بلدية ومقاطعة، وانتخاب ما يقارب من 33 ألف مختار لكل مدن وأحياء وقرى تركيا.
أبرز الأحزاب المشاركة؟
يشارك في هذه الانتخابات عشرات المرشحين المستقلين، و36 حزباً سياسياً، بحسب رئيس المجلس الأعلى للانتخابات أحمد ينر.
وعلى رأس هذه الأحزاب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وحزب "الشعب الجمهوري" المعارض، وحزب "يني رفاه" (الرفاه الجديد)، وحزب "السعادة" ذو التوجه الإسلامي، وحزب "النصر" اليميني المتطرف.
وتعد هذه الانتخابات في المقام الأول "شأناً ذكورياً"، إذ لا تتجاوز نسبة النساء بين مرشحي حزب "العدالة والتنمية" 2.2%، وحزب "الشعب الجمهوري" 9.3%، وحزب "الشعوب الديمقراطي" 31%، بحسب وكالة "فرانس برس".
ما أهمية الانتخابات في إسطنبول؟
ميزانية بلدية مدينة إسطنبول تفوق كثيراً المدن الثمانين الأخرى في البلاد، إذ تبلغ 516 مليار ليرة (16.05 مليار دولار) في 2024 بما يشمل المناطق التابعة لها، في حين تبلغ ميزانية العاصمة أنقرة 92 مليار ليرة (2.8 مليار دولار).
وتمنح إدارة المدن الكبرى وميزانياتها الأحزاب بعض السيطرة على التمويل والعقود وفرص العمل بما يعزز شعبيتها على مستوى البلاد، لكن إسطنبول تحظى بمكانة خاصة بالنسبة لأردوغان، لأنها شهدت صعود نجمه السياسي خلال رئاسته لبلديتها في الفترة من 1994 إلى 1998.
وظهر إمام أوغلو باعتباره البديل الرئيسي الذي تطرحه المعارضة لأردوغان، فيما قال محللون إنه إذا فاز بولاية ثانية في رئاسة بلدية المدينة، فسيترشح على الأرجح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بينما يمكن لخسارته أن تقوض مسيرته السياسية، وتترك المعارضة غارقة في مزيد من الفوضى، بحسب وكالة "رويترز".
وأشار محللون إلى أنه بالنسبة لأردوغان ستعزز استعادة حزبه لإسطنبول وأنقرة مساعيه لإقرار دستور جديد، قد يمدد حكمه لما بعد 2028 وهو وقت انتهاء ولايته الحالية، وفقاً لوكالة "رويترز".
وبموجب الدستور الحالي، تقتصر الرئاسة على ولايتين، وتمكن أردوغان من الفوز بولاية ثالثة العام الماضي، بفضل ثغرة قانونية نتجت عن الانتقال إلى نظام رئاسي في 2018، إذ كانت ولايته الرئاسية الأولى في ظل النظام السابق.
ما المتوقع في إسطنبول؟
في الانتخابات البلدية السابقة عام 2019، أصاب فوز حزب "الشعب الجمهوري"، وهو حزب المعارضة الرئيسي، في إسطنبول وأنقرة أردوغان بصدمة، لينهي عقدين من هيمنة حزب "العدالة والتنمية" وأحزاب محافظة سبقته على المدينتين، بحسب وكالة "رويترز".
وبدأ أردوغان مسيرته السياسية رئيسا لبلدية إسطنبول في 1994، ويحكم حالياً تركيا منذ أكثر من عقدين من الزمن، ويقود حملة انتخابية قوية من أجل حزب "العدالة والتنمية" في الأسابيع القليلة الماضية.
وذكر المجلس الأعلى للانتخابات أن ما يقرب من 11 مليون ناخب يحق لهم التصويت في المدينة، فيما تعد نسبة المشاركة في الانتخابات العامة والمحلية في تركيا مرتفعة للغاية، وتقترب من 90%.
والمنافس الرئيسي لإمام أوغلو على رئاسة بلدية المدينة هو مراد قوروم من حزب "العدالة والتنمية" وهو وزير سابق. وتمنح استطلاعات الرأي إمام أوغلو تقدماً طفيفاً على منافسه.
من هم أبرز المرشحين؟
إسطنبول
مراد قوروم من حزب "العدالة والتنمية"
كان قوروم (47 عاماً) وزيراً للبيئة والتطوير العمراني في الفترة من يوليو 2018 حتى يونيو الماضي، وترك منصبه بعد الانتخابات العامة في عام 2023، ثم تم انتخابه عضواً في البرلمان عن إسطنبول.
ولد قوروم في أنقرة، وعمل في وكالة "توكي" الحكومية للإسكان الاجتماعي من عام 2005 إلى عام 2009، ثم شغل فيما بعد منصب المدير العام لشركة "إملاك كونوت"، وهي صندوق استثمار عقاري تديره الحكومة.
أكرم إمام أوغلو من حزب "الشعب الجمهوري"
تعود أصول إمام أوغلو (52 عاماً) لمدينة طرابزون المطلة على البحر الأسود، وكان رئيس حي في المدينة قبل أن يصبح رئيس بلدية إسطنبول.
وفاز في انتخابات عام 2019 في إسطنبول بدعم من تحالف حزب "الشعب الجمهوري" والحزب "الصالح"، وهو حزب قومي، وحزب "الشعوب الديمقراطي" المؤيد للكرد.
وفي انتخابات هذا العام يطرح كل من الحزب الصالح وحزب "الشعوب الديمقراطي" مرشحيهما. ووفقاً لاستطلاعات الرأي، من المتوقع أن يضع العديد من كرد تركيا الولاء الحزبي جانباً، ويصوتوا لصالح إمام أوغلو، الأحد.
أنقرة
منصور يافاش عن حزب "الشعب الجمهوري"
وتورجوت ألتينوك عن حزب "العدالة والتنمية"
انتخاب من؟
- عمدة العاصمة
- عمدة المحافظة
- عمدة المنطقة
- عمدة المدينة
- رؤساء القرى وأعضاء مجلس الأعيان
- رؤساء الأحياء
- المجلس العام للمحافظة وأعضاء المجلس البلدي
فرز الأصوات
في المقاطعات التي تكون ساعات التصويت فيها من الساعة 07.00 إلى الساعة 16.00، لا يمكن عد الأصوات قبل الساعة 16.00. وفي المقاطعات الأخرى قبل الساعة 17.00.
حتى لو أدلى جميع الناخبين المدرجين في قائمة الناخبين بصناديق الاقتراع بأصواتهم، فلن يتم فتح صناديق الاقتراع أبدا قبل نهاية التصويت.
ما هي الأصوات التي سيتم احتسابها أولا؟
في المدن الكبرى، تُطرح أوراق الاقتراع لانتخابات عمدة العاصمة، ورئيس البلدية، وعضو المجلس البلدي ورئيس المجلس، على التوالي.
وفي المقاطعات الأخرى، تُطرح أوراق الاقتراع لانتخابات رئيس البلدية، وعضوية المجلس البلدي، وعضوية مجلس المحافظة ورئيس المجلس، على التوالي. حيث سيتم عدها وحسابها.
هل سيصوت الناخبون في الخارج؟
لا يجوز للناخبين في الخارج التصويت في الانتخابات المحلية.
هل سيتمكن الناخبون في السجون من التصويت؟
بحسب الدستور، لا يحق للمدانين في المؤسسات العقابية التصويت، باستثناء المدانين بجرائم الإهمال.
وفي هذه الانتخابات سيتم إنشاء صناديق اقتراع في السجون للمعتقلين في المؤسسات العقابية والمدانين بجرائم الإهمال.
ماذا تحمل الأيام الأخيرة؟
في هذا السياق، يقول الكاتب بصحيفة خبر تورك، بولنت أيديمير، إن السباق لا يزال مستمرا في إسطنبول مع الدخول إلى الأسبوع الأخير، قبل انطلاق الانتخابات البلدية، معربا عن عدم قناعته بمؤشرات استطلاعات الرأي المعلن عنها، إذ يرى أن الوضع بالمدينة ليس واضحا بعد.
ويستدرك قائلا، في تصريحات خاصة لـ"العين التركية"، إن الانطباع العام هو أن أكرم إمام أوغلو يتقدم بفارق يتراوح من نقطة إلى 2، منوها إلى أنه في الأيام الأخيرة قد تتغير النتيجة لمصلحة المرشحين الرئيسيين.
وحول الأشياء التي تؤثر على اختيارات الناخبين، يقول أيدمير إن المشاكل العامة التي تواجهها تركيا تنعكس بشكل مباشر في انتخابات إسطنبول، فيتم تحديد مسار الانتخابات بها من خلال الديناميكيات والمشاكل المحلية للمدينة، فضلا عن الوضع العام للبلاد والاقتصاد والقضايا الجيوسياسية.
ويرى أن تقديم الرئيس أردوغان حكومته ونفسه منافسين، على عكس التوقعات، مفيد لإمام أوغلو، الذي يجذب كثيرا من الاهتمام، لأنه يعطي الانطباع بأنه ليس ممثلا للحكومة ولا للمعارضة.
ويلفت الكاتب الصحفي التركي إلى أنه على الرغم من حل تحالف الشعب الذي خاض انتخابات الرئاسة العام الماضي، إلا أن أكرم إمام أوغلو لا يزال يتلقى دعم المعارضين المناهضين للحكومة أو حزب العدالة والتنمية.
تركيا في حالة فوز إمام أوغلو
اعتبر الصحفي والكاتب التركي مراد يتكين، أنه إذا فاز عمدة بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في الانتخابات البلدية، فستتحول تركيا نحو منظومة سياسية جديدة تمامًا.
وأوضح يتكين أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لا يقف فقط ضد إمام أوغلو بحلفائه السياسيين، ولكن أيضًا بكل موارد الدولة، والدليل على ذلك وقوف وزير الداخلية التركي، علي يرليكايا، ووزير الخارجية، هاكان فيدان، وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، بجانب مرشح حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، مراد كوروم، ودعمهم جميعًا له.
ويشير يتكين إلى أن “الأمر لا يتوقف على أردوغان، بل أن جميع أحزاب المعارضة الأخرى التي تنافس في الانتخابات تسعى لفرك أنف إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري”.
ويضيف يتكين: “بالإضافة إلى ذلك، هناك فرق تسعى لتحقيق مصالح فرعية في حزب الشعب الجمهوري عن طريق التركيز على النزاعات الداخلية، إذا فاز إمام أوغلو على الرغم من جميع هذه العقبات، فستستيقظ تركيا في صباح 1 أبريل على منظومة سياسية تمامًا مختلفة، وموازين سياسية جديدة”.
مساران محتملان
إذا فاز إمام أوغلو على الرغم من المزايا المختلفة التي يتمتع بها أردوغان (على سبيل المثال، السيطرة شبه الكاملة على وسائل الإعلام)، فسوف ينكشف جناح الرئيس، وقد يشهد رئيس البلدية المعاد انتخابه صعودا صاروخيا.
وفي هذا السيناريو، سيكون الإجراء المضاد الذي سيلجأ إليه أردوغان هو الاستقطاب السياسي.
ولتحقيق هذه الغاية، ربما يطلق مناقشة حول دستور جديد يتضمن تعديل “القيم العائلية”، والذي يحدد الزواج حصرا باعتباره اتحادا بين رجل وامرأة من أجل حشد الناخبين اليمينيين.
وقد يخفض الدستور الجديد أيضًا عتبة الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة إلى 40 في المئة، وهو ما يسهل على أردوغان تحقيقه أكثر من الأغلبية.
وكجزء من إستراتيجيته للفوز بمثل هذا الاستفتاء، فقد يتبنى أيضا تحولا صارما في السياسة الخارجية، مستفيدا من قضايا مثل المشاعر المعادية للغرب، والحرب في غزة، والعلاقات مع الولايات المتحدة لحشد الناخبين اليمينيين.
ومن المرجح أن يشبه هذا النهج السياسة التركية في الفترة 2013 – 2019 تقريبا، عندما أكد أردوغان على السياسات القومية/الشعبوية في الداخل والخارج.
ومع ذلك، إذا خسر إمام أوغلو، فمن المرجح أن يقوم الرئيس بتعديل حساباته السياسية وتوجيه تركيا في اتجاه مختلف.
إذا فشل مرشحو الرئيس في انتزاع إسطنبول والمدن الرئيسية الأخرى من المعارضة، فمن المرجح أن يخرج أردوغان من الانتخابات وهو يشعر بالضعف السياسي.
أردوغان يعد الكرد بحقبة جديدة
هذا ووعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الكرد بحقبة جديدة مع حلول الانتخابات البلدية المقرر لها الأحد.وقال أردوغان في تجمع انتخابي بولاية ديار بكر ذات الغالبية الكردية، والذي عقد في ساحة إستاسيون “نحن مستعدون للحديث عن كل شيء مع الجميع، لكن بابنا مغلق أمام الإرهابيين وأولئك الذين يمارسون السياسة بتوجيه من الإرهابيين” في إشارة لحزب الديمقراطية والمساواة الشعبية.
وأضاف: “لنبحث معًا عن أبواب العصر الجديد، فلنضع قلوبنا فيه ونبني القرن التركي، لقد جئنا اليوم إلى ديار بكر لنطلب دعمكم في مرحلة جديدة من مبادراتنا الديمقراطية والتنمية التي ننفذها منذ 21 عامًا، الأحزاب لا تتنافس هنا في 31 مارس، ما يتنافس هنا هو سياسة العمل والخدمة وسياسة المساومات القذرة“.
وذكر أردوغان أن هناك أحزاب تقف إلى جانب حزب العمال الكردستاني، مؤكدًا أنهم لن يتسامحوا بالطبع مع الدمية الإمبريالية المسماة داعش، وأكد أنهم جعلوا حزب العمال الكردستاني غير قادر على التحرك داخل الحدود التركية.
وأشار أردوغان إلى أنه يريد من إخوانه الكرد فك العزلة عليهم، مضيفًا: “دعونا نجلس ونتحدث مع كل من لديه عقل حر وضمير حر“.
|