الذكرى الـ49 ..السير قدما لمواجهة التحديات العصيبة
ليس بمقدور أي حزب سياسي الابقاء على ديمومة نهجه وتطلعاته المستقبلية ويحافظ على المكتسبات المتحققة بنضال كوادره وبدماء عشرات الالاف من الشهداء الابرار،اذا لم يعد قراءة حقيقية لهويته ورؤيته المستقبلية.
كحزب سياسي عريق يعتبر الاتحاد الوطني الكردستاني ركيزة اساسية ضمن القوى الحامية للديمقراطية ليس في كردستان فحسب بل في العراق والمنطقة ايضا،وثقله ومكانته في منظمة الاشتراكية الدولية عززا من موقعه على الساحة الكردستانية والعراقية وحتى العالمية وفي الوقت نفسه ضاعفا المهام التي تقع على عاتقه من الدفاع عن المبادئ الديمقراطية و نصرة حق الشعوب المضطهدة.
هناك حقيقة اخرى وهي ان توفيق ونجاح الامين العام للاتحاد الوطني في اداء مهامه كرئيس لجمهورية بلد متعدد القوميات والطوائف والمذاهب وفق شهادات اغلبية الاطراف العراقية بانه يمثل صمام امان العراق وصاحب الدور المحوري في لم شمل العراقيين،شكل اثباتا حقيقيا بان الاتحاد الوطني الكردستاني من الاحزاب التي بامكانها مسك زمام ادارة الحكم الرشيد.
حزب الاجيال
في الانظمة الديقراطية المستقرة، صناديق الاقتراع هي التي تحسم مسألة الوصول الى الحكم ولكن في الانظمة الديمقراطية غير المستقرة او في بلد متعدد الاعراق والشعوب مثل العراق تعتبر صناديق الاقتراع جزءا ضمن اساسيات متعددة في مسار الحسم يليها ثقل الاحزاب في فرض الامر الواقع للتعامل معه كشريك وتحقيق تطلعاته عبر اتفاقات وتوافقات مسؤولة بين اطراف رئيسية معينة،ومن هنا لابد من ادراك حقيقة ان الأحزاب تختلف من حيث طبيعتها العضوية واهدافها منها احزاب شعبوية او قبلية الهوى تستمد قوتها من أبناء طبقة او قبيلة معينة ولا تبدي اهتماماً بالجماهير وهدفها الوحيد هو كسب الأصوات وإيصال المرشحين إلى كراسي الحكم وتحقيق شيء معين.
اما الاتحاد الوطني الكردساني الذي تاسس في ظروف عصيبة للغاية، كرد على السياسات التي كانت تريد القضاء على الكرد وروح المقاومة الكردستانية، وكذلك بعد الانهيار العسكري السياسي الشهير عام ١٩٧٥، وتضييق الخناق على الحركة الوطنية العراقية،فعند اعلان تأسيسه وكفاحه النضالي وفي الحاضر والمستقبل،يعتبر الجماهير وخاصة الطبقة الكادحة والكوادر الكفوءة الركيزة الاساسية التي يستمد منها قوته وهذا النهج امكنه ويمكنه من التمسك بشعار السلم والديمقراطية وحقوق الانسان وحق تقرير المصير،وإلا فليس بمقدور اي حزب سياسي رفع تلك الشعارات دون اعتبار نفسه حزبا يستمد القوة من الجماهير ليبقى حزبا جماهيريا يستقطب الجماهير لتحقيق اهداف قومية وفكرية وسياسية واجتماعية.
تقرير المصير والحكم الرشيد
يتطلب الحزب الذي يناضل من أجل حق تقرير المصير والحكم الرشيد مقومات قوية وركائز ثابتة تتضمن رؤية واضحة، قيادة قوية، دعم شعبي واسع، تنظيم داخلي فعال، تحالفات استراتيجية، واستخدام فعال للتكنولوجيا والإعلام ،إضافة إلى ذلك، يتعين على الحزب مواجهة تحديات سياسية وأمنية وقانونية مع إدارة فعالة للموارد وبناء ثقة الجمهور لتحقيق أهدافه.
وهذا ما يعمل عليه الاتحاد الوطني منذ بدايات تاسيسه الى يومنا هذا لكونه يعتبر نفسه حزب الاجيال وليس حزب (بلوغ الثروات) او(الحزب الشعبوي)،وغالبًا ما يحاول حزب الاجيال تحقيق توازن بين بناء قاعدة دعم مستدامة على المدى الطويل وتحقيق مكاسب انتخابية جماهيرية رصينة وهذا التوازن يساعده في ضمان استمراريته وقوته عبر الزمن وهذا النهج الشامل يجعل الأحزاب أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات السياسية والاجتماعية، ويعزز قدرتها على تقديم حلول فعالة ومستدامة لمشاكل المجتمع وارساء العدالة والحكم الرشيد.
التلاحم الكفاحي العربي - الكردي
لقد انبثق الاتحاد الوطني الكردساني من صميم الجماهير الكردستانية الرافضة للاستسلام ولانهاء النضال الثوري وبالتالي فكان تعبيرا عن الأصرار الواعي على مواصلة الجماهيري الثوري المتلاحم مع القوى التقدمية العراقية الأخرى والقوى الثورية الاخرى وعمل منذ انبثاقه على الانتماء الى التجمع الوطني العراقي و التهيئة لاعلان الثورة، باعتبارها ثورة عراقية مندلعة في كردستان و توثيق الصلات بالدول العربية المتحررة (كسورية والجماهيرية الليبية واخيرا اقامة العلاقات النضالية مع القوى الثورية لشعوب شرقنا بدءا من القوى العربية والفلسطينية .
وبالامكان القول ان الاتحاد الوطني الكردساني سجل سابقة تاريخية فريدة في تاريخ النضال الثوري الكردي اذ حقق التلاحم مع القوى الكردستانية والفلسطينية والعربية فضلا عن اشتراكه في التجمع الوطني العراقي ومن ثم نجاحه في اعلان الثورة مجددا في 1/6/1976 باعتبارها ثورة عراقية ديموقراطية مندلعة في جبال كردستان العراق تستهدف انقاذ البلاد من الدكتاتورية وتأسيس عراق ديموقراطي تعددي برلماني يتمتع فيه الشعب الكردي بحقوقه القومية على اساس حق تقرير المصير ضمن الكيان العراقي الاتحادي الموحد، ومن ثم ساهم الاتحاد الوطني في ايجاد الجبهة الوطنية القومية الديمقراطية ولعب دورا اساسيا في تجميع المعارضة العراقية في لجنة العمل المشترك والمؤتمر الوطني العراقي الموحد.
وفي الانتفاضة العراقية المجيدة ، لعب الاتحاد الوطني الكردساني دور التلاحم الكفاحي العربي الكردي باسهامه الفعال وقيادته لانتفاضة اذار ١٩٩١ في كردستان .
وايضا لعب دوره المعروف في التحالف الكردي - الشيعي الذي هو في جوهره تحالف كردي - عربي ، وسني - شيعي كما لعب هو دوره الكبير في التلاحم بين القوى العربية السنية والكردية والعربية الشيعية .
وبسبب دوره الوطني العراقي الهام هذا نال عطف ومساندة غالبية الشعب العراقي مثلما نال حقد وغضب الدكتاتورية التي انفلتت من عقالها في ٣١ / آب عبر غزو مدينة اربيل الباسلة .
دورمشرق كقوة عراقية تقدمية
سيسجل التاريخ باحرف من نور ان الاتحاد الوطني الكردساني لعب دوره المشرق كقوة عراقية تقدمية ، حريصة على الوحدة الوطنية العراقية والاستقلال والسيادة الوطنية للعراق الديمقراطي الموحد وصان وعزز الاخوة العربية الكردية ورفع عاليا راية التلاحم الكفاحي العربي - الكردي .
وقد اعترف الرئيس الراحل مام جلال بانه اجري اتصالات ومنذ اكثر من اربعين عاما بالقوى العربية العراقية والسوريه والمصرية والفلسطينية وقال شخصيا في هذا الصدد:" كنت ضمن الوفد الكردي الذي اجرى لقاءات قادة سورية والبعث مع في سورية ومن ثم مع قادة الثورة المصرية وبعد انطلاقة القومية العربية المتحررة بزعامة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر بذلت جهودا متواصلة لايجاد علاقة متينة معها وكان لي شرف التباحث مع الرئيس الخالد جمال عبد الناصر والرئيس بن بله وجلالة الملك حسين والرئيس المرحوم فؤاد شهاب في عام ١٩٦٣ لتوضيح الحقائق عن القضية الكردية واهداف الثورة الكردية وايجاد حل عادل للقضية الكردية في كنف الامة العربية وبالتعاون مع حركتها القومية المتحررة ثم عززت علاقتنا النضالية مع قادة المنظمات الفلسطينية ومع قيادة سورية الاسد وخصوصا مع الرئيس الرفيق حافظ الاسد الذي سجل فضلا تاريخيا على الشعب الكردي غداة تاسيس الاتحاد الوطني الكردساني وبعد انطلاق ثورتنا الجديدة ، كما حاولت طرق الابواب العربية كافة من حكومية وشعبية من اجل صيانة وتعزيز الاخوة والوحدة".
حزب متماسك ورصين
في خضم الاحداث والمستجدات الطارئة والعصيبة على الساحة الكردستانية،العراقية، الاقليمية والعالمية، استطاع الاتحاد الوطني الكردستاني وبقيادة الرئيس بافل جلال طالباني ودعم القادة والكوادر والجماهير ان يبرز كحزب متماسك ورصين وقد افلح في ادارة الحزب بتوصيات وخارطة عمل جديدة للمهام الآنية والمستقبلية ضمن النهج الوطني الذي ارساه الرئيس الراحل مام جلال من حيث الايمان الراسخ بالحرية والعمل السياسي، وتطوير الديمقراطية واحترام الأصوات والألوان المختلفة وحماية التعددية في العراق واقليم كردستان، وترسيخ السلم والتعايش، والعمل المشترك، وتسخير الاختلافات في خدمة الأهداف، والتكاتف لضمان الحقوق والمكاسب .
ومثلما قال الرئيس الراحل مام جلال:"ماحققه الاتحاد الوطني الكردستاني من مكاسب نضالية لم يستطع اي حزب اخر تحقيقه" فان الاتحاد الوطني بامكانه الاعتزاز بمواصلته السير على هذا النهج المسؤول والصامد .
ومثلما كان الاتحاد الوطني حاضرا دائما في مختلف المراحل، سواء في مواجهة الدكتاتورية أو في تشكيل حكومة إقليم كوردستان ومن ثم في بناء العراق الاتحادي الجديد فسيبقى متمسكا بان ياخذ على عاتقه المسؤولية في السير قدما لمواجهة التحديات العصيبة على كافة المستويات من منطلق ان بقاء الاتحاد الوطني ضمن احزاب قادة الاجيال والمستقبل مرهون بتمسكه بستراتيجية تصحيح المسار وبالنهج والمبادئ التي تأسس من اجلها وإحدث ثورة مجيدة ننعم بمكتسباتها ونستعيد ذكرى انطلاقتها كل عام بفخر واعتزاز دائم والى الابد.
|