جريمة بشعة وفرار مخز
الإبادة الجماعية للإيزيديين في شنكال هي واحدة من الفصول الأكثر مأساوية في التاريخ الحديث والتي وقعت من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ففي 3 أغسطس 2014، شن مقاتلو هذا التنظيم الارهابي هجوماً واسع النطاق على منطقة شنكال وسهلت هروب القوات المكلفة بحمايتها، السيطرة عليها وخلال الأيام والأسابيع التالية، ارتكب التنظيم فظائع كبيرة شملت القتل الجماعي لآلاف من الرجال والنساء والاطفال الإيزيديين وضمن سياستهم الهمجية اختُطفت آلاف النساء والفتيات الإيزيديات من قبل الدواعش، وتم بيعهن كسبايا،اضافة الى التهجير القسري لاهاليها و التدمير الثقافي لهوية المنطقة التاريخية بعد ان دمّر داعش معابدهم ومواقعهم الدينية.
الأرقام الأخيرة تشير إلى أن حوالي 2,800 امرأة وطفل من الإيزيديين ما زالوا في عداد المفقودين، بينما أكثر من 200,000 منهم ما زالوا مشردين، يعيشون في مخيمات غير ملائمة وسط معوقات بشان عودتهمإلى منازلهم وبناء حياتهم من جديد.
اثار تمكن بعض الناجيات من الهروب ورواية قصصهن البشعة للمجتمع الدولي، وهول الفظائع ،ردود فعل واسعة النطاق من قبل المجتمع الدولي حيث أصدر مجلس الامن قرارات عديدة ة تدين العنف والفظائع التي ارتكبها داعش، من بينها قرار 2170 و في عام 2016 تبنى المجلس الأمن قراراً يصف الهجمات ضد الإيزيديين بأنها إبادة جماعية، ما يعزز الجهود الدولية لمحاسبة المسؤولين عنها.
وضمن جهود المحاسبة والعدالة تم توثيق الجرائم ضد الإيزيديين من قبل فرق تحقيق دولية، مما أدى إلى بدء محاكمات لبعض عناصر داعش أمام المحاكم الدولية والمحلية بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب كما أنشأت الأمم المتحدة فرقاً خاصة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبها داعش ، بهدف جمع الأدلة وتقديمها للمحاكم.
لايمكن الحديث عن فظاعة جريمة ابادة الايزديين دون التطرق الى الفرار المخزي والانسحاب المهين لقوات البارتي في تلك المنطقة التي اعطت إحساسًا زائفًا بالأمان للسكان الإيزيديين ودفعتهم يعتقدون أن الحماية العسكرية التي توفرها قوات البارتي كافية لردع أي تهديد محتمل وعدم توقع شن هذا الهجوم وبالتالي عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة،ولكنهم فوجئوا بفرار تلك القوات قبل المدنيين مما تركهم يواجهون بمفردهم هول كارثة القرن الدموية،وبالتالي يُعتبر هذا الانسحاب أحد العوامل التي ساهمت في الكارثة الإنسانية التي تلت ذلك.
نتيجة لهذا الهروب العبثي للقوات المدافعة بحجة الافتقار إلى العتاد والذخيرة وتفضيل حياة جنودهاعلى السكان، تمكنت داعش من السيطرة بسهولة على المنطقة ويعتبر هذا الهروب خيانةً للأمانة والمسؤولية تجاه المدنيين العزل لذلك طالب العديد من الناجين والاطراف السياسية والمنظمات الحقوقية بإجراء تحقيقات شاملة في أسباب الانسحاب المفاجئ ومحاسبة المسؤولين عنه ولكن الى الان لم يتم تقديم أي مسؤول رسمي للمحاكمة أو المحاسبة بشكل قانوني او علني.
لقد كشفت هذه الحادثة عن أهمية التحضير الجيد والتخطيط الاستراتيجي في مناطق النزاع، وكذلك ضرورة الالتزام بمسؤولية حماية المدنيين من قبل القوات المدافعة و الحاجة إلى مساءلة القادة العسكريين والسياسيين عن قراراتهم التي تؤثر بشكل مباشر على حياة السكان المدنيين.
ستبقى إبادة الإيزيديين جرحاً مفتوحاً في ضمير الإنسانية، وتؤكد على الحاجة المستمرة لحماية الأقليات الدينية والعرقية من الاضطهاد والعنف ،فالتحديات كبيرة، لكن الأمل في إعادة بناء حياة هؤلاء الناجين يبقى دائماً.
وسيذكر التاريخ ان فرار قوات البارتي كان عاملا من عوامل بشاعة الفاجعة التي المت بالاخوة الايزديين كحقيقة لاتقبل الشك او تبريرات واهية ودموع التماسيح الزائفة كما سيذكر بشموخ ان الاتحاد الوطني الكوردستاني وامام هذه المأساة ورغم بعد المسافة بينه وبين المنطقة والعوائق التي كانت امامه، تمكن وبكل سرعة وبقوة صغيرة وبالتعاون مع القوات الاخرى في المنطقة من بناء خط دفاعي لحماية النازحين والمنكوبين وانقاذهم من الكارثة.
فالف تحية واجلال الى أرواح ضحايا الايزيديين، والشموخ لذويهم الأعزاء.
|