×

  رؤا

أميركا غزت العراق لاسباب امنية وليس من أجل النفط

20/09/2022

فرانسيس فوكوياما

* زميل أقدم في "مركز الديمقراطية والتنمية وسيادة القانون" في "جامعة ستانفورد" ومؤلف كتاب "أصول النظام السياسي: من عصور ما قبل الإنسانية إلى الثورة الفرنسية"

*عن صحيفة (الوطن) القطرية  18/2/2008:

قال فرانسيس فوكوياما المفكر الاميركي إن غزو الولايات المتحدة للعراق لم يكن من أجل الديمقراطية ونشر القيم والمبادئ كما تدعي إدارة بوش بل من اجل تدمير أسلحة الدمار الشامل التي اعتقدوا انها في العراق. وأشار فوكوياما في حديث مع الوطن على هامش منتدى اميركا والعالم الإسلامي الى ان القاعدة لن تستمر طويلاً ولن تؤثر في الاجيال القادمة، ولفت إلى أن المسلمين في الغرب لم ينجحوا في التأقلم والاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها.

 ويعتبر فوكوياما منظراً وفيلسوفاً للمحافظين الجدد وصاحب كتاب نهاية التاريخ الذي ذكر فيه أن نهاية الديكتاتورية هي نهاية الصراع والتاريخ، وقد عارض غزو العراق بشدة مما دفعه لترك المحافظين الجدد والانفصال عنهم..وشدد فوكوياما على أن احتلال أفغانستان كان عملاً من أجل ضرب الإسلاميين الذين هاجموا الولايات المتحدة، مشيراً الى ان هذا لا ينطبق على حالة العراق..

* كتبت في كتابك عن نهاية التاريخ. هل نحن فعلاً قريبون من ذلك وما القصد من هذا الكلام؟

- الفكرة من نهاية التاريخ هي الحديث عن المجتمعات الغنية والتطور الذي يحصل فيها.قبل وقت طويل من الزمن كتب بعض المفكرين والخبراء والعلماء أن نهاية التاريخ هي بدء الشيوعية، وملاحظتي كانت ان الأمر لا يسير بهذه الطريقة، وإذا كان نهاية التاريخ يجب أن تكون عبر الديمقراطية واقتصاد السوق المفتوح.لا أعتقد أن هناك بدائل للإصلاح في العالم.

* متى تعتقد أن نهاية التاريخ ستقع؟

- إنها ليست وقتا معينا بل هي هدف وموضوع، وهي أني أعتقد أن المجتمع الحالي المتحضر يجب ان يتمتع بديمقراطية وحرية وسوق مفتوح..

* هل صحيح أنك تخوفت من وجود المسلمين في الدول الأوروبية ودعوت إلى طردهم؟

- لا ليس بهذا الشكل، العديد من الدول الغربية عانت من مشكلات دمج المسلمين في مجتمعاتهم لعدة أسباب معقدة.العديد من الأوروبيين لديهم فكرة أن الاندماج في مجتمعهم وهويتهم وقوميتهم ليست سهلة للأجانب أو الوافدين إلى بلدانهم، وفي هذا المعنى هناك مشكلة عند الطرفين.لم أدع إلى طرد المسلمين أبداً ولكني اعتقد أنه إذا أراد أحد أن ينضم طوعا إلى مجتمع معين يجب عليه أن ينضم إلى هذا المجتمع.في أوروبا الذي يجمع الشعب ليس الدين بل هو الوطن والقيم ولذلك قلت ان عليهم أن يتأقلموا ويندمجوا مع المجتمع..

* هناك صراع وعدم تفاهم بين الإسلام أو الإسلاميين في العالم وبين العالم الغربي، ما الذي تقوله في ذلك ؟

- الإسلام بالطبع يمكن أن يفسر بطرق عديدة.. تعريفي للإسلام هو من يريد إدخال السياسة إلى الدين ويريد أن يفعل ذلك بعنف وهذا لا يتلاءم مع القيم والمبادئ الغربية.

* ما الذي تقوله في الحرب الأميركية في العراق وأفغانستان،هل فعلاً من أجل نشر الديمقراطية؟

- لا أعتقد أن غزو العراق جاء لنشر الديمقراطية كما يدعي بوش، فهذا أتى بعد الاحتلال، كان الهدف الرئيسي هو الامن والسعي لتدمير أسلحة الدمار الشامل التي اعتقدوا انها موجودة في العراق ومرتبطة بالإرهاب، وعندما لم يجدوا شيئاً من ذلك حولوا أهدافهم..

* هل انتقدت إدارة بوش لغزوها العراق؟

- بالطبع فقد ألفت كتاباً في ذلك.

* ولكنك أحد أهم الشخصيات عند المحافظين الجدد.

- كنت كذلك ولقد انفصلت عنهم عندما كتبت ذلك الكتاب لأني لم أوافق على سياسة الحرب.

* ما اهم الآراء التي يتضمنها الكتاب أيضاً ؟

- رفض فرض السيطرة الأميركية بالقوة واستخدام السلاح لنشر المبادئ الأميركية ومحاولة بناء الدول على هذه الأسس.. لا اعتقد ان الولايات المتحدة قادرة على فعل ذلك لكن آخرين من المحافظين الجدد يعتقدون عكس ذلك.

* الديمقراطية يمكن أن تفرض بالقوة. أنت لا توافق على ذلك..من يوافقك من المفكرين في الولايات المتحدة؟

- الكثير من الأميركيين لا يوافقون على هذا الأمر، ولم يكن هذا سبب غزو العراق فكيف يدعون ذلك..إنها مجرد تعليل للأميركيين عما ينفقونه من اموال على الغزو..

* هل صحيح ان الولايات المتحدة خائفة فعلا من الإسلاميين أم انه ادعاء لتمرير سياسات معينة؟

- لا بالحقيقة إنها خائفة.. إذا نظرت للمنشورات الصادرة عن البيت الأبيض بعد 11 سبتمبر، لوجدت انها تقول إنه بعد انتهاء الحرب الباردة حيث كان التهديد يأتي من الاتحاد السوفياتي الشيوعي،كنا نستطيع التعامل معه بواسطة الردع والاحتواء، اما مع القاعدة فلا نستطيع عمل ذلك لأن القاعدة لا تملك مقراً أو دولة ولا يمكنك أن تهددها بشيء ولذلك عليك أن تخرج تنال منه وعلى هذا الأساس تم احتلال أفغانستان.أعتقد أن هذه الاستراتيجية ممكن تبريرها اما ما لا يبرر هو احتلال العراق، لأن العراق كان دولة يمكن التفاهم معها..

* لكن الذين هاجموا الولايات المتحدة ليسوا من أفغانستان، وهم من دول أخرى فلماذا احتلال أفغانستان بهذا المعيار؟

- بالطبع الأشخاص الذين هاجموا الولايات المتحدة انطلقوا من أفغانستان وشكلت مركزاً لتدريبهم وعملهم ومقر تنظيمهم.

* من خلق القاعدة وساعدها على الانتشار

- هناك عدة أسباب لظهور القاعدة بالطبع.. من الواضح أنهم بدأوا اثناء احتلال أفغانستان وبعدها بدأوا يتلقون الدعم من قبائل باكستانية هي الآن متعاطفة معهم وتحمل نفس الفكر على الحدود مع أفغانستان..

* نعلم جميعاً انهم دعموا من قبل الولايات المتحدة فلماذا انقلبوا عليها ؟

- بالطبع الولايات المتحدة دعمتهم ليقاتلوا السوفيات والولايات المتحدة هاجمتهم لأنهم هاجموها..

* ولكن ما السبب الذي دفعهم لذلك من البداية ؟

- هنا لا أبرر الهجوم ولكن بالتأكيد هناك أسبابا لذلك..

* هل يشكل ظهور القاعدة فصلا جديدا في التاريخ بعد أن قلت إن نهاية التاريخ بدأت مع انهيار الشيوعية؟

- إذا نظرنا مئة سنة إلى الوراء وراقبنا، سنعرف ان القاعدة ستنتهي من التاريخ بعد فترة من الزمن ليست بعيدة ولن تترك تأثيراً على أجيال في المستقبل.لن تدوم طويلاً بالتأكيد ولن تكون نهايتها جيدة ولا يمكن التنبؤ بالوقت ابدا.

* هل تعتقد أن العلاقة بين اميركا والعالم الإسلامي سيتحسن أو تتغير مع وصول رئيس اميركي جديد إلى البيت الأبيض ؟

- أقول إن كل رئيس جديد لديه الفرصة ان يفرض سياسته التي يريدها عندما يأتي إلى الحكم.. ولكن أقول إن سياسة بوش في الفترة الاخيرة تغيرت فتعامله مع إيران كان سياسيا وليس عسكريا كما في العراق.. الإدارة في المستقبل ستكمل في هذا الطريق..

* ما هو رأيك بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، هل هو صراع أيديولوجي ديني او هو صراع على الأرض؟

- لا أعتقد أنه أيديولوجي أم ديني إنه مجرد صراع على الأرض.تغير وجه الصراع مع الوقت، ما كان في السابق صراعاً عرقياً أصبح دينياً وهذا سيئ جداً لأنه بدأ يصعب، والآن أصبح دينياً وعرقياً وبالتالي أصعب بكثير من قبل..

* ماذا عن استخدام بوش لمصطلح الحرب الصليبية ؟

- الرئيس بوش استخدم كلمة الحرب الصليبية في البداية دون ان يعني محتواها التاريخي.في الولايات المتحدة نستخدم هذا المصطلح في عدة امور، لم يكن يريد أن يضيف صبغة دينية على حربه..

* هل هناك إمكانية لتقارب وتفاهم حقيقي بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة ؟

- بالطبع..

* ولكن ما نشاهده هو الحروب الإضافية والتعقيد الإضافي والمشاكل والكره.. فكيف السبيل إلى الحل ؟

- الصراعات يمكن حصرها والمشاكل يمكن تحديدها، إذا كانت سياسية أو اقتصادية أو غيرها.. هناك اختلاف في المبادئ ولكنها لا تؤثر..

* حرب الولايات المتحدة، هل هي من اجل النفط ولأسباب اقتصادية أم للقيم الأميركية ؟

- كما قلت لك نشر القيم الاميركية لم يكن أبداً من اولويات اميركا بالرغم من سياسة الولايات المتحدة في دعم الجمعيات الأهلية وغير ها.. أما موضوع النفط فإنه يساء فهمه في هذا الإطار..أميركا لم تغزو العراق من أجل النفط وهي مهتمة بالوصول لمصادر النفط ولكن ليس باحتلال الدول والسيطرة على نفطها.

* لماذا احتلوا العراق إذاً ؟

- احتلوا العراق لأنهم كانوا يعتقدون ان صدام لديه أسلحة دمار شامل ويمكن ان يمررها للإرهابيين.

* أتعتقد أن هذا الامر صحيح ؟

- بكل تأكيد وهذا ليس تحليلا بل معلومات.. انا لدي أصدقاء مقربون جداً من الإدارة التي اتخذت القرار وكانت التقارير تشير إلى ذلك وكانوا مقتنعين وعندما وجدوا عكس ذلك غيروا الهدف..

* ولماذا لم ينسحبوا بعدها إذاً؟

- لقد وجدوا أنفسهم متورطين ولا يستطيعون التراجع لذلك أكملوا ويحاولون إيجاد الحلول الآن ووضعهم في تطور وتحسن معقول..

* هل من الممكن أن ينغمس الاميركيون في حرب أخرى تحت ذريعة مختلفة ؟

- الأميركيون موجودون الآن في أفغانستان والعراق، وهم يتولون العراق أكثر ولا أعتقد أنهم سيدخلون اي حروب أخرى فهم غير قادرين على ذلك..

* بعد انهيار المعسكر الشيوعي هل تعتقد أن العدو الجديد للولايات المتحدة أصبح الإسلام؟

- لا أعتقد ذلك. فالإسلام دين والاتحاد السوفياتي دولة والدول الإسلامية مختلفة وليست كتلة واحدة والإسلام نفسه يختلف بالتطبيق والأفكار من دولة لأخرى. 

 

  مواضيع أخرى للمؤلف
←  الوقت لم يتأخر كثيرا لوقف تدهور أمريكا السياسي
←  روسيا تحرز انتصارا في جورجيا
←  ظهور عالم ما بعد الحقائق
←  كيفية إنقاذ الديمقراطية من براثن التكنولوجيا
←  أفكارٌ وجدل حول الأفكار
←  فوضى العراق… التحدي الأعظم للرئيس الأمريكي المقبل
←  النمو الاقتصادي وحده... لا يضمن استقرار العالم
←  أميركا غزت العراق لاسباب امنية وليس من أجل النفط
←  عزل أميركا للصين خطيئة استراتيجية
←  لا يــــــــــــــــزال الـــــتــــــاريــــــــخ منتهيـــــــــــــاً
←  الليبرالية في خطر وتحتاج إلى الأمة
←  الوباء والنظام السياسي يحتاج إلى دولة
←