من مام جلال إلى رشيد:رئاسة كردية للقمة العربية ...رسائل ومعان
في مشهد سياسي غني بالرمزية، احتضنت بغداد القمة العربيةالـ34 في 2025، برئاسة الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، الرئيس الكردي الثاني للقمة في تاريخ العراق الحديث.
تكرار هذا الحدث يعيد إلى الأذهان قمة بغداد 2012، التي ترأسها الرئيس الراحل مام جلال، أول رئيس كردي في العراق، ورمز التوازن والانفتاح،لكن رئاسة كردية لقمة عربية ليست تفصيلاً بروتوكوليا، بل تعبيرٌ عميق عن تحولات الهوية السياسية للعراق، ورسائل متجددة في السياق العربي.
رسالة عراقية: وحدة التعددية:
أن يترأس رئيس كردي القمة العربية من بغداد هو إعلان سياسي قوي بأن العراق الجديد قائم على التعددية الوطنية، لا على الاحتكار الطائفي أو القومي ولقد مثل الرئيس مام جلال هذه الفكرة بعمق، إذ كان كرديا بقلب عراقي وعقل كردي والدكتورعبد اللطيف رشيد اليوم يسير على ذات النهج، وهذا تاكيد أن الانتماء للعراق لا يتناقض مع التواصل مع الفضاء العربي.
رسالة عربية: انفتاح على الهويات المتنوعة
ترؤس رئيس كردي للقمة من الرئيس مام جلال الى الرئيس رشيد اثبات ان الهوية العربية ليست حكرا على القومية، بل مشروع سياسي وحضاري يضم شعوبا متعددة الثقافات وتذكير للعرب بأن الوحدة لا تعني التطابق، بل التفاهم والتعايش وهذه الخطوة دعوة للاعتراف بالمكونات غير العربية في الدول العربية، كشركاء في البناء، لا كاستثناءات.
الرئيسان مام جلال ورشيد ، صديقان ورفيقا درب، وينتميان إلى مدرسة سياسية واحدة ترفض التطرف، وتؤمن بالحوار والاعتدال .
في 2012، دعا الرئيس مام جلال إلى “عراق ديمقراطي عربي المنتمى، متعدد في واقعه، موحد في طموحه واتحادي في الادارة”، واليوم، يعيد الرئيس رشيد نفس النهج مع تقديم العراق كنقطة توازن في المنطقة، لا كطرف في محاورها.
في قمة 1990، بغداد كانت تعكس انغلاقا سياسيا وتمركزا قوميا متشددا ولكن في 2012 و2025، العاصمة تنفتح على العرب برؤية جامعة، يعبّر عنها رئيس كردي يؤمن بالعروبة السياسية لا الشعاراتية.
من الرئيس مام جلال إلى الرئيس رشيد، ترسل بغداد رسالة حضارية مفادها: العراق لن يكون قويا إلا بتعددية تحترم الجميع، والعرب لن ينهضوا إلا إذا وسّعوا مفهوم “العروبة” ليشمل التنوع لا الإقصاء.
قمة بغداد 2025 ليست فقط لحظة سياسية، بل لحظة وعي عربي جديد، وقد يكون وجه كردي هو أفضل من يقدمه.
|